السبت، 18 مايو 2013

قراءة في كتاب جودة الجودة في التربية (2)


ثانياً: رؤية الباحث حول الكتاب


تمهيد
     لخص الباحث في الجزء السابق أبرز الأفكار الواردة في أقسام الكتاب المختلفة، وفي هذا الجزء سوف يتطرق الباحث لبعض ماخرج به من قراءة هذا الكتاب مقدماً نظرة عامة حول الكتاب متضمنة عدداً من الجوانب المميزة والمفيدة من الكتاب، بعد ذلك يقدم الباحث عدداً من الملاحظات التي خرج بها من خلال قراءة الكتاب.

نظرة عامة وجوانب جودة مميِّزة
     يسير المؤلف في كتابه هذا على غرار ما يسير عليه في كتبه ومقالاته الأخرى؛ حيث يستخدم أسلوب النقد اللاذع للواقع التعليمي والتربوي في البلاد العربية،  فلم يسلم من نقده كل من له علاقة بالميدان التربوي من باحثين ومعلمين ومتخذي قرار. فهاهو في صفحة 36 من الكتاب يجلد الواقع التربوي للؤسسات التعليمية زاعماً تحول المتعلمين فيها إلى "صيادي درجات ومعدلات تراكمية بأية وسيلة ممكنة في بيئة تحولت فيها العمليات التعليمية إلى أفعال شحن ذاكرة التلاميذ بمعارف مقننة...." وفي موضع آخر  يبرز نقده للمسؤلين عن إطلاق شعارات تعميم التكنولوجيا في المدارس بأن أهدافهم ما هي إلا "ضمان حصصهم من العمولة التي تهبط عادة في جيوب من يساهم في تصميم عمليات شراء كميات كبيرة من الأجهزة المختلفة".
     ويمكن أن يستشف القاريء من الأسلوب اللاذع للمؤلف حرقته وألمه للواقع الذي تعيشه التربية في البلاد العربية، ويتضح ذلك في محاولاته لإيضاح حقيقة مفهوم الجودة وكيفية تحقيقها، وكذلك تعرضه لقضية تطوير المؤسسة التربوية، وتقديمه لمصطلح "سيرورة الفعل التربوي" داخل المؤسسات التعليمية وتبيانه لمتطلبات تحقيق هذه السيرورة التي تعد أهم روافد تحقيق الجودة في المؤسسات التعليمية.
     الجودة في المؤسسة التربوية وليس جودة المؤسسة التربوية من أبرز ما ينبهنا له المؤلف، ولذلك دلالات كثيرة تؤكد ما ذهب إليه من أن الجودة الحقيقية التي يجب أن تتجه المؤسسة التربوية لتحقيقها هي جودة الخريج، فلا الاتجاه نحو الماديات ولا الاتجاه نحو تحقيق الطلاب للدرجات والشهادات سيضمن الجودة في المؤسسة التربوية، إنها جودة الخريج الذي يراد له أن يحصل تعليماً يندمج مع ما لديه من خبرات سابقة، تعليماً إيجابياً يرافقه في مواقف الحياة المختلفة ولا تقتصر فائدته داخل المدرسة فحسب.
     بالإضافة لما سبق استفاد الباحث من هذا الكتاب في جوانب عدة؛ منها التعرف على مكونات المناخ المدرسي الذي يعتبر عاملاً مهماً لتحقيق الجودة في المؤسسة التعليمية، كما  استفاد الباحث  التعرف على أبرز الأدوار المطلوبة من المعلم لتحقيق أهداف انتقال أثر التعلم، كما أن التفريق بين مفهوم الجودة وبعض المفاهيم الأخرى "بطانتها" يعد من أهم الفوائد التي يمكن الخروج بها من هذا الكتاب القيم.

قضايا مؤثرة في جودة الكتاب
     كثيراً ما يوضح المؤلف بعض النقاط الواردة في الكتاب من خلال ربطها بوقائع الحياة اليومية كالمثال الذي أورده في هامش صفحة 22 حول تكوين المناخ التربوي، غير أنه يقف عاجزاً أحياناً عن اقتراح البدائل والحلول للواقع الذي ينتقده. حيث تحدث عن عدم أهلية المعلم العربي بوضعه الحالي ووصفه بأنه مجرد "أداة" منفذه، وكذلك تحدث عن مشكلات الإعداد ولكن لم يقدم حلولاً عملية لتلك المشكلات التي تقف حجر عثرة في تحقيق الجودة.
      يحيل المؤلف القارئ إلى عدد من المراجع، وأغلب تلك المراجع هي للمؤلف نفسه مما يظهر الأمر - وإن كان بغير قصد – وكانه دعاية لتلك الكتب. كما أشار المؤلف لعدد من المراجع الأجنبية في متن الكتاب كتلك في صفحات 20 و 49 و 67 و 68 ، وقد خلا الكتاب في نهايته من وجود قائمة بتلك المراجع.  
     يذهب المؤلف أحياناً إلى ذكر تفاصيل ليس لها علاقة بموضوع الكتاب، كما ان جل الملاحق المرفقة ليس لها علاقة مباشرة بالموضوع الأساسي للكتاب سوى أنها من كتابات المؤلف.
     احتوى الكتاب على عدد من الألفاظ الغريبة وكذلك بعض الألفاظ الركيكة ككلمة "بطوباوية" في صفحة 53، وكلمة "صوة" في صفحة 69، وكلمة "اللماذا" وكلمة "فرشة" في صفحة 82، وكملة "التمدرس" في صفحة 159، وغيرها. كما لم يخل الكتاب من بعض العبارات التي قد يتوقف عندها القارئ ولا يجد لها تفسيراً مثل: "جماعة شيكاغو" في صفحة 76 لم يعط المؤلف معلومات عنها، وكذلك "القيم الإسلاموية" في صفحة 27 لم يوضحها للقارئ.

إضافات ومقارنات
      اطلع الباحث في مجال الجودة على كتاب "الجودة الشاملة والمنهج" للدكتور محسن علي عطية، وكتاب "منظومة تكوين المعلم في ضوء معايير الجودة الشاملة" للدكتور محمبد عبد الرزاق إبراهيم،  وقد أورد عطية شيئاً من كتاب الدكتور وهبة وخصوصاً في الفصل الثاني "جودة التربية"، وخصوصاً فيما يتعلق بالمناخ المدرسي والجودة داخل الصف، غير أن عطية قد أورد عدد من المعايير والتي لم يشر إليها وهبة. كما أن وهبة لم يشر إلا إشارة ضعيفة إلى المنهج وربما يعود ذلك إلى الطبيعة العامة لكتابه، ومع ذلك فقد أسهب عن جوانب أخرى وأغفل المنهج.
      لم يقدم وهبة لمحة تاريخية حول تطور مفهوم الجودة بينما قدمت الكتب الأخرى لمحة تاريخية،  كما لم يقدم وهبة أو لم يشر إلى بعض التجارب العالمية في مجال تحقيق الجودة في التربية ليكون مثالاً يسترشد به تطبيق الجودة في مؤسسات التعليم العربية.

خاتمة
      كتاب "جودة الجودة في التربية" للدكتور نخلة وهبة من الكتب القيمة والمفيدة في مجال الجودة، إنه خلاصة تجربة وخبرة شخصية للمؤلف امتدت سنوات طويلة من العمل في العديد من البلدان العربية، إنه خلاصة فكر تربوي راق وعميق ومتمرس، خلاصة فكر أعياه هم أمته، فكر يطمح لتغيير واقع أمته من خلال قلمه، أنصح باقتنائه.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق